الكاتب: البراء الكيلاني
هل سبق أن قيل لك: "لا تُعيد اختراع العجلة"؟
عبارة تُقال لتثنينا عن إضاعة الوقت في أمور تمّ اختراعها مسبقًا.
لكن ماذا لو كان إعادة اختراع العجلة هو تمامًا ما نحتاجه اليوم، خاصة في مجال التعليم؟
نحن نعيش في عصر الذكاء الاصطناعي، عصر مليء بالتحديات الجديدة والمجهولة التي لم يسبق للبشرية أن واجهتها.
لطالما كان هدف التعليم إعداد المتعلّمين لمواجهة تحديات المستقبل،
ولكن، كيف يمكننا تحقيق ذلك في عالم لا يمكن التنبؤ بمستقبله؟
كيف نُعِدّ إنسانًا لحل مشكلات لم نكتشفها بعد، وللتعامل مع تقنيات لم تُخترع بعد؟
ربما تكون إعادة اختراع العجلة هي ما نحتاج.
فالتعليم لا يقتصر على نقل المعرفة من جيلٍ إلى آخر، لأن تلك المعرفة قد تفقد قيمتها مع مرور الزمن.
بل هو في جوهره تطوير مهارات ما وراء المعرفة، كالتفكير الناقد، والإبداع، وحلّ المشكلات، وهي المهارات التي تُمكّن المتعلّم من مواجهة مستقبلٍ لا يمكن تصوّره بعد.
عندما اختُرعت العجلة لأول مرة، كان الهدف منها حل مشكلة نقل الأشياء الثقيلة من خلال تقليل الاحتكاك عن طريق تغيير الشكل الهندسي لنقطة التماس بين الأرض و الجسم.
فكرة العجلة و مبدأها هي حل عبقري لمشكلة محددة.
و عندما نُوجّه المتعلّمين إلى "إعادة اختراع العجلة"، فإننا لا نركز على النتيجة النهائية،
بل نزرع فيهم المهارات والروح التي أوصلت الإنسان إلى تلك النتيجة في المقام الأول.
هل سمعت بالجزري سابقًا؟
هو عالم ومخترع عربي عبقري من القرن الثاني عشر، ترك بصمة خالدة في الهندسة الميكانيكية.
من أبرز إسهاماته اختراع عمود الكامات (Camshaft) الذي حوّل الحركة الدورانية إلى حركة خطّية،
وكان أساسًا لتطوّر الآلات من أجهزة رفع المياه إلى الأنظمة الميكانيكية المعقدة.
رحلة الجزري، من التصاميم المبتكرة إلى الحسابات الدقيقة وتصميم التجارب
هي ذاتها الرحلة التي يخوضها أي مُبتكر في عصرنا هذا.
فمن خلال فهم هذه العملية وتجربتها، يكتسب المتعلّمون مهارات تتجاوز الزمن.
إذن، عندما نشجع الطلاب على "إعادة اختراع العجلة"، فنحن في الحقيقة نمكّنهم،
نقول لهم: تقدّموا. اكتشفوا. أخطئوا. تعلموا كيف تفكرون كالمخترعين.
لأننا قد لا نعرف شكل التحديات التي سيواجهونها في المستقبل،
لكننا نعلم أن من يمتلك مهارات التفكير والابتكار، سيكون دومًا مستعدًا.
فلنُعد التفكير في تلك المقولة القديمة...
ربما حان الوقت حقًا لأن نعيد اختراع العجلة، ليس من أجل العجلة نفسها، بل من أجل الرحلة التي تقودنا إليها.
.png)
